المشير طنطاوى و نابليون بونابرت
لن ابدأ هذا المقال مثل ما تبدأ معظم المقالات التى و إن كانت حكومية تمجد فى المجلس العسكرى و فى دوره الريادى فى حماية الثورة و نقل مصر الى ركاب التقدم ولولا هذا المجلس العظيم كانت مصر ضاعت و كلام كثير مثل هذا تعودت عليه صحافتنا القومية حتى اصبح تمجيد الحاكم شىء اساسى و طبيعى فى هذه الصحف اما فى حالة إن كانت مقالات معارضة تبدأ المقالة بالهجوم على المجلس العسكرى و تشكك فى نواياه و تدعو الى مليونيات التى فقدت تأثيرها و اصبحت شبه وهمية و شىء طبيعى كل يوم جمعة ترجع من الصلى ترى مظاهرات فى الشارع او فى تلفزيون و تسأل "ها ايه اخبار التحرير انهارده و اسمها جمعة ايه المره دى ! "
و لكن نتيجة للتخبط هذه الايام و شعور الكثير بالاحباط و ان الثورة معملتش حاجة و انها طولت و المجلس العسكرى عجبوا الحكم فقررت ان ابحث عن نموذج للثورات يحتذى به حتى افهم احنا ماشين صح و لا الثوره ضاعت صحيح. الكلام ده ليس جديد و ناس كثيره تحدثت عن ثورات المختلفة فى العالم و البعض شبهونا بالثوره الصربيه و اخرون شبهوا ثورتنا بالثوره فى الشيلى و هناك كتاب مهم للكاتب الأمريكي كرين برنتون اسمه "دراسات تحليلية للثورات" يتحدث عن الثورات العالميه و دورها و تأثيرها و لكن عندما بحثت لم اجد افضل من الثورة الفرنسية اول ثورة شعبية فى التاريخ لاخذها كانموذج ترى عليه مستقبل ثورتنا.
ربما معظم معلومات الناس عن الثورة الفرنسية نابعة من كتاب التاريخ بتاع ثانوية عامة الذى تحدث باختصار عن الثورة و كل اللى ناس تعرفوا ان فجأه قامت الناس بمظاهرات ضد الملك الظالم و اقتحكوا سجن الباستيل الذى يرمز للظلم ثم احتلوا القصور ثم قتلو لويس السادس عشر و زوجته مارى انطونيت صاحبت القصه الشهيرة انها عندما علمت بانتفاضة الشعب سألت لماذا يثورون فقال احد العمال بالقصر انهم لا يجدون الخبز ليأكلوه سيدتى فقالت بعجب شديد و لماذا لا يأكلون الكروسون بدلا منه !!
ولكن الحقيقة ان الثورة الفرنسية اكبر و اعمق من ذلك بكثير و بها مواقف هامة يجب ان يعلمها الجميع حتى لا تتكرر و هناك الكثير من الحقائق مفاجئة.
و اول هذه الحقائق ان الثورة الفرنسيه استمرت عشر سنين كاملة و تغير فيها النظام الحاكم ثلاث مرات بدأت الثورة فى اول عامين بوجود الملك على الحكم و لكن مع عمل دستور يفصل بين السلطات و لكن الحاكم المستبد يظل مستبد ورغم إن لويس السادس عشر أضطر لتأييد الثورة ،إلا أنه حافظ على اتصالات خاصة مع حكام النمسا وبروسيا والسويد طالباً مساعدتهم في إعادة أسرته إلى الحكم .
وفي 1791 حاول الملك الهرب هو وأسرته نحو الحدود النمساوية ولكن تم القبض عليه قبل أن يصل تلك الحدود وأعيد هو وأسرته إلى قصر التويلرى في باريس ثم بعد ذلك اعدم الملك وزوجته و كانت هذه نهاية المرحلة الاولى من الثورة التى كانت تتجه للديموقراطية و بدأت مرحلة جديدة هى الاسوء فى كل ثورات العالم و هى مرحلة تحول الثوار الى حكام....مرحلة ديكتاتورية الثورة.
قامت الجمعية الوطنية (مثل ائتلافات الثورة فى مصر الان) بمذابح وحشية بقتل كل من يعارض الثورة فهجمت على السجون و بيوت النبلاء و القساوسة المضادين للثورة فقتلتهم جميعا و يقال ان فى هذه الفترة قتل اكثر من خمسة الاف شخص وايضا فى هذه الفترة بدأ يظهر البعض محاولين الصعود على الثورة و ادعاء الزعامة و اشهرهم روبيسير الذى كان يرى ضرورة ابادة كل المعارضين دون رحمة.
ادت هذه الافعال الى تدخل الجيش الذى ادعى فى ذلك الوقت تحالفه مع الشعب ضد الشغب و حمايته للدولة و قام ايضا بعمليات قمع ضد بعض الثوار و زاد الطامعين فى الحكم و لكن سرعان ما قام نابليون بونابرت قائد الاعلى للقوات المسلحة الفرنسيه بإعلان فرنسا امبراطورية و انه هو الامبراطور و وضع دستور جديد و انتهت الثورة الفرنسيه.
اتفق دائما الموءرخون منذ زمن ان التاريخ يعيد نفسه و يتكرر كما انه اول مره ربما ليس باظبط و لكن المواقف لا تتغير لأن البشر لا يتغيرون و طموحات البشر واحده فإذا نظرت الى احداث كل الثورات تجد ان هناك احداث تتكرر بحاذفيرها و كما يقول ارسطو "الذين هم في ثورة الغضب يفقدون كل سلطان على أنفسهم فتعلم ايها الانسان من اخطاء اجدادك".
محمود زكى
7-10-2011
كلام رائع و تحليل بسيط للاحداث تارخية انت تصلح ان تكون مؤرخ بارك الله فيك
ReplyDeleteالسلام عليكم يا أ. محمود شكرا على المقالة التى طال إنتظارها .....تحليلك للأحداث وتسلسل الموضوع ببساطة أكثر شىءبيعجبنى فى كتاباتك وكل مرة بعرف معلومات جديدة .... وفعلا ياريت نتعلم من أخطاء الماضى وتكرار الأحداث بحذافيرها لكى نتفادى النتائج الغير سارة بالمرة ..وربنا يستر....فى إنتظار المقال القادم إن شاءالله
ReplyDelete