Thursday, June 12, 2014

١٠ اسباب تجعلك تحب الرجيم بـ"العافية" ! - محمود زكي


١٠ اسباب تجعلك تحب الرجيم بـ"العافية" !
محمود زكي
اصعب تجربة يمكن للانسان ان يمر بها في حياته هو ان  يعاني من مشكلة ويعرف كيف يتخلص منها ولكنه لا يستطيع، واشهر تلك الامثلة علي الاطلاق هي السمنة أو الزيادة في الوزن التي نسعي دائما أن نتخلص منها بوضع نظام دقيق وصارم للاكل والرياضة "رجيم" ولكننا نفشل فيه دائما بسبب الاحباط وفقدان الإرادة بعد فترة من الوقت.
ولهذا يقدم لك هذا المقال 10 اسباب حقيقية ستحدث لك عند التخلص من وزنك الزائد، لتضعهم امامك دائما عندما تصل لنقطة الاحباط وتراجع عن الرجيم بعد اخذ شوط فيه:

1.    تدخل القميص في البنطلون
جميع من يعانون من السمنة يوجهون المشكلة الاكبر عندما تأتي مناسبة تتطلب ارتداء ملابس رسمية أو بدلة فيصبح علي القميص أن يدخل في البنطلون وهو ما يليه ظهور شكل نصف دائري يشبه البطيخة القرعة "الكرش" تجعلك كارها نفسك محاولا اخفاءه بالشفط طوال الوقت ولكن مع الرجيم تعود البروز إلي داخل وينسحب الكرش ويصبح "البنش بلاطة والبطن شيكولاته.

2.    تلعب جمباز في الميكروباص
لن يكون ركوب الميكروباص ازمة من ازمات عمرك متمنيا في كل مرة تركب فيها الميكروباص أن تجلس جنب سواق ولكن بعد فقدان الوزن سيكون هناك مساحة متوفرة لك للجلوس مرتاح حتي لو كانت في الكنبة "اللي ورا اللي بتشيل اربعة" بالإضافة إلي مستوي رشاقتك الذي سيجعلك تستطيع ممارسة رياضة الجمباز بسهولة عند النزول من الميكروباص خاصة عندما يرفض الشخص اللي راكب جنب الباب أن ينزل ويقول لك "عدي من فوقيا" !

3.    مش هتقف جون تاني
 في اغلب الحالات، عندما يكون هناك  طفل زائد في الوزن بيقف جون ليسده بجسمه الضخم وكذلك لعدم قدرته علي الجري لفترات طويلة وافتقاده  للخفة والحركة باستثناء لو هو صاحب الكرة!، ولكن في حالة النجاح في  الرجيم  سيكون له الفرصة في ترك منصب حارس المرمي ولعب في مراكز اخري ليس لانه حريف ولكن لأنه لن يكون مناسبا لمهارة حراسة المرمي في سد الجون!

4.    تخلص من الوانك  السوداء
إذا فتحت دولاب اي شخص ضخم  ستجد اغلب ملابسه تنقسم إلي لونين أسود وكحلي وهو امر طبيعي في ظل الرغبة في الظهور بشكل منضبط وخاسيس شوية أو اصغر في الحجم وهي ما تقدمه الالوان الغامقة وممكن ان تسمي تلك الظاهرة بظاهرة "الخداع البصري" لأنها طريقة لكي يتهرب الشخص من شكله بدلا من البحث عن حل له ولكن بعد الرجيم سيصبح الوان الطيف تملأ الدولاب خاصة أن اي لبس سترتديه سيكون متشابه مع غيره لأنك ليس لديك ما تخفيه.

5.    كل البنات بتحبك..كل بنات حلوين
تبدو تلك الميزة الاجمل لمن يريد أن يفقد وزنه، فمع الرجيم الجيد يتغير شكلك سواء كنت بنت او ولد تصبح اكثر جاذبية وستجد الخير يأتي عليك من كل اتجاه فبعد أن كنت تتمني أن تمتلئ حياتك بالبنات ستشعر بالملل من كثرتهم..جرب ومش هتخسر..sexy and I know it  .

6.    وفر فلوسك
عندما تبدأ نظام الرجيم ستجد أن مرتبك أو مصروفك يفيض بل تزيد الاموال في محفظتك وهو امر مفرح ولكنه طبيعي بعد أن كنت تأكل يوميا وجبة أو اكثر من الشارع أو تدفعلك مبلغ محترم قدام الكشك يوميا ، اصبح البيت هو مأوك الوحيد لطعام المناسب والصحي وبذلك سيكون الرجيم اشبه بدفتر توفير اجباري يجعل لديك مبلغ من المال كل شهر لا تعرف من اين اتي ولكنك ستعرف إلي اين سيذهب.

7.    اتصور برحتك
تزيد تلك الميزة عند البنات أكثر من الولاد الذين يقل اهتمامهم بمظهرهم في الصور مقارنة بالبنات وهذا يفسر نظرية  "pause  البطة" ولكن بشكل عام ومشترك بين كل من يعانون من السمنة أنهم يتحاشون التصوير إلا في ظروف معينة لأننا طبع الانسان أن يحاول الهروب من الواقع بتجنب التفكير فيه أو رؤيته وهو ما يحدث في التصوير ولكن بعد الرجيم سيكون التصوير باي صورة و من اي زاوية امرا سهلا وجميلا، فكل طرق تؤدي إلي رشاقتك.

8.    بر الوالدين
تقوم الام بعملية دعم شامل للبيت في ظل انها مطلوب منها ملئ سفرة البيت وثلاجتها بعشرات الاطعمة وتذهب كل يوم لكارفور أو هايبر لتشتري مخزون البيت الذي ينتهي في ظرف يومين بسبب عملية النسف التي تقودها بنفسك وبالتالي يتم نسف  جيب الاب ايضا  بعد يصبح يعاني من صعوبة في سد العجز الغذائي في بيته ولكن بعد الرجيم ستنتهي الازمة ويصبح الاكل بيفيض والثلاجة مبتفضاش وأمك مرتاحة وابوك معاه فلوس والكل بيدعيلك.

9.    افخر بوزنك
اكثر ما يكرهه  من يعاني من السمنة  هو ان يسأله احد عن وزنه، نفس شعور سؤال البنت عن سنها بضبط ولهذا دائما عندما يطرح سؤال يصبح الهروب السريع أو الكذب في الرقم الصحيح هو الحل ولكن بعد الرجيم لن يكون سؤال محرج بل مصدر فخر وسعادة شاهدا علي نجاحك وعزيمتك الحديدية التي جعلت منك رمزا للصمود، فيمكن أن تنشر وزنك في الجرائد أو تعلن عنه في مؤتمر صحفي أو تكتبه علي تي شيرت!

10.                      تخلص من اصدقائك الرخمين 
يظن البعض أن السخرية أو الهزار من تخن  امرا لطيفا أو مضحكا ينم عن خفة دم غير عادية! ولكنها من اكثر الاشياء التي تؤثر نفسيا علي من يعاني من السمنة حتي وإن تقبل الامر ولم يظهر عليه الضيق وقتها فهي تظل معلقة في ذهنه تذكره بمشكلته التي تؤرقه طوال حياته ولا يستطيع أن يتخلص منها ولكن بعد النجاح في التخلص من الوزن الزائد، يمكنك أن تتخلص من كل اصدقائك الرخمين أو ترد ببساطة عليهم  "لو انا تخين اديني خسيت إنما انت دم امك تقيل وعيل رخم هتعمل ايه في موضوع ده".

محمود زكي 

١٢ - ٦ - ٢٠١٤

Wednesday, October 23, 2013

A7A



A7A

عزيزي القارئ لقد ترددت كثيرا في كتابة هذا المقال ولهذا قررت ان ابدأ كلامي لك برساله : " قبل ان تقرأ هذه المقالة، إذا كنت تخاف ان يخدش حيائك او تكره الحديث فى كلام يظنه الناس اباحه او انك من الذين يرون الإنسان المحترم هو من يتجنب الإباحية وانك من رواد معا ضد الكلام العيب ، فأرجوك توقف عن القراءة فورا، فأنا احبك ولا احب ان اخدش حيائك او تظن انى كاتب مش تمام و العياذ بالله.

بدأت قصه هذا المقال عندما جاء طفل صغير فى الخامسة من عمره، بدي عليه انه يريد أن يلقي خطابا يلح عليه لكن هناك من شئ داخله يقف حاجزا يمنعه من القول ، سألنى سؤال عجيب اوى (يعنى ايه " احا "؟).

أصابتني الصدمة في بادئ الامر تشبه شحنة كهربائية تغلغلت في اعماقي لكن سرعان ما تمالكت اعصابي راغبا في تعنيفه بشدة وسط تساؤلات في ذهني "كيف يسأل طفل صغير مثل هذا عن هذا الكلام القبيح؟"، "هل وصل بنا الحال إلى ذلك الوضع المتدني؟" لقد انهار المجتمع وانتشر الفساد في البر والبحر، ثم توقفت لحظه عن تفكير واتجهت أفكاري فجأة الى ناحية اخرى لأبادر نفسي بسؤال "هو يعنى ايه احا صحيح ؟!".

كلمه من ثلاثة حروف انتشرت فى الفترة الأخيرة كثيرا  بل اصبحت الكلمة المناسبة لوصف كل موقف يحدث فى حياتنا ، يستخدمها الكثيرون ومعظمهم لا يعرفون معناها ، ظلمها الناس ظناً منهم انها كلمه عيب ، ولكنها فى الحقيقة كلمه عظيمه، تحمل دوافع نفسيه هائلة ومعانى روحيه يعجز اللسان فى بعض الاحيان عن وصفها، فهي تحمى الناس من الانفجار غضبا، دائما ما استخدمت هذه الكلمة لتعبير عن السخط والاعتراض على المواقف مثل ان يموت الناس امام ماسبيرو وتخرج المذيعة تتطالب الناس بالتوجه للتلفزيون لحماية الجيش، فلا يسعك ان تقول سوى احا ، او ان يموت 74 مشجعا فى مباراة وتنتهى القصه بإقالة اتحاد الكورة فوقتها يجب تقول حقا احا ، او ان يموت 1000 مواطن فى الثوره ثم يخرج جميع المتهمين براءه يبقى اكيد سعتها مفيش حاجه تقال غير احا او ان يموت 50 طفل دهسا بالقطار عشان عامل المزلقان كان تعبان فدخل ينام أو أن يموت 3 أو 4 كل يوم فناس تقول الحمدلله مات 3 بس !  يبقى احا و احتين و تلاته ، عموما ليس هذا موضوعنا ولكن هل فكرت يوما، ما معنى هذه الكلمة؟ وهل هي كلمه قبيحه او عيب؟ هل يجب ان نخجل من هذه الكلمة ونعتبرها خادشه؟

بعد بحث مكثف وفضول شخصي للبحث عن المعنى واصله وكيف انتشرت ، الشيء الوحيد الذى تأكدت منه وهو ما دفعني الى كتابة هذا المقال، ان كلمة احا ليست عيب ولا تخدش الحياء بل ربما هي اكثر احتراما من الكلمات العاديه التى نقولها فى اثناء رحله الكفاح اليومية بل هي الكلمة الانسب التى تعبر عن المواطن المطحون الذى عشش الحزن وخيم الفقر والفساد والاهمال في حياته.

من اين جاءت الأحا ؟

لم يعرف احدا متى ظهرت الكلمة بشكلها ومحتوها الجديد بضبط، ولكن بدأت الكلمة الانتشار بين جميع طوائف الشعب منذ انطلاق الألفية الجديدة ، ومن العلامات الدالة على ذلك ظهورها إعلاميا فى كذا حتى وبكذا شكل ، مثل برنامج مدحت شلبى، عندما قالها لاعب كره فى غزل المحلة وهو يحكى قصه حدثت بينه وبين مدربه، وقيلت ايضا فى برنامج البيت بيتك مع محمود سعد عندما قالها احد المتصلين وهو يسرد معاناته مع الشرطة فجأة وسط مجموعة كلمات اخرى ، مما جعل محمود سعد يزعق ويقطع الاتصال، وايضا المشهد الاشهر فى فيلم H دبور لأحمد مكى الذى كانت نقطه انطلاق لتصبح هذه كلمه شهيرة ويزيد استخدمها وتصبح منتشرة بين الجميع وموجوده على الانترنت باستمرار لدرجة ان البعض طالبوا ان يتم وضع كلمة احا بجوار لايك like و الكومنت comment على الفيس بوك لتعبير عن رأيهم بها وفى وقت قصير اصبحت الكلمة طريقه لسخط والتعبير عن الغضب ودخلت فى حياتنا بطرق مختلفة مثل ظهور مجموعة أغاني فيها كلمه "احا" زى " احا الشبشب ضاع احا ده كان بصباع" ، وظهور قصيدة شعر بعنوان "احا يا مصر" وايضا عندما قالها علاء مرسى فى برنامج بيشتغل الناس اسموه "الحكم بعد المزاوله" الذى استفزه المذيع ، فقال له عارف "احا" وكرارها عدة مرات بقوله "عارف احا ولا متعرفهاش".

تاريخ الاحا

رغم عدم وجود معنى واضح لمعنى الكلمة بين الناس وحتى علي الانترنت اللى فوجئت ان ليها معنى على Wikipedia ، اتفق المعظم ان كلمة "احا" هو لفظ عامي يعنى الاعتراض وهى اختصارا ل "انا حقا اعترض" او "ارفض حدوث هذا" ، ويقال ان اصلها فى اللغة العربية جاء من كلمه كان يقولها البدو للمعيز و الخرفان ويشاع ايضا انها مشتقه من الاحاح و الاحاح معنا العطش الشديد، الحزن الشديد.

اما بالنسبة لأصلها وظهرت امتى، فهذا شىء صعب معرفته ، فقيل انها كلمه يونانية دخلت مصر بعد ان بنى الاسكندر الاكبر الإسكندرية وعاش اليونانيون واقاموا الحضارة الإغريقية بها واختلطوا بالمصريين، فاختلطت اللغات وظهرت مجموعة كلمات جديده و تحرفت مع الوقت، فظهرت كلمة احيه التي كانت تعنى الاعتراض والضيق ومع قدوم الروم على مصر وانتشار المسيحية والمعاناة التى قابلها المصريين المؤمنين بالمسيحية فى ذلك الوقت وحالة الكبت التى فرضت عليهم اصبحت هذه الكلمة تستخدم بكثافة ثم تطورت الى احا مع قدومها الى القاهرة.

وهناك رواية اخرى تقول انها ظهرت فى عهد الفاطميين بعد ان صدر فى ذلك الوقت فى عهد "الحاكم بأمر الله" قانون يمنع الناس انها تقول لفظ "احتج"، ومع طبيعة المصريين التى دائما ما تواجه الظلم والاضطهاد بالسخرية والتحوير، قام المصريين بتغير الكلمة و خلوها "احتا" ثم اكتشف الفاطميين الموضوع ، فتطورت الى "احا"، و بعد ذلك تم الغاء القانون ولكن اصبحت الكلمة مشهوره واعتاد عليها الناس.

مع ظهور الكلمة وانتشارها، بدأت تأخذ شكل الكلمة القبيحة التى من العيب ان تقولها فى العلن رغم عدم اساءتها الى احد او وصفها لشيء يرفضه الدين او المجتمع ويقال انها استخدمت فى عهد جمال عبد الناصر بعد ان اعلن عن تنحيه عن حكم مصر بعد نكسة 67، فخرجت مظاهرات تهتف "احا احا لا تتنحى" والمؤكد ان هذه الجملة استخدمت فى ايام مظاهرات الفلول فى ثوره يناير ، ولترجع مبارك عن التنحي.

شكل جديد

بدأت الكلمة تأخذ معانى اخرى للاعتراض وإظهار الغضب بشكل مختلف بعد المصائب التي توالت على البلد بعد رحيل مبارك مثل جملة "احا فى كيس " بمعنى زياده الفساد والقتل و القمع او " عارف احا " عند الاعتراض على كلام اللى قدامك ورغبه فى ان تقوله اخرس او "احتين " بمعنى الاعتراض المضاعف والتي تعنى ان الدنيا خربانه والقرف جاب اخره او "الشيخ احا" التي انتشرت  مع ارتفاع حدة الفتي بين المصريين وخروج بعض الشيوخ ببعض الفتاوي العجيبة، كما بدأ البعض بالتحايل على الكلمة التي رأها البعض شتيمه عن طريق ان يقول "باحا" بدلا من "احا" او ان يقول " أ ش أ " او" A7A " .

فأصبحت الاحا على لسان الكثير بل اصبحت تعبيرا عن الواقع الذي يعيش فيه المصريين ، وحالة الغضب الناتجة من التذبذب و التخبط في المشاعر بل اصبحت علاجا نفسيا للناس لتهدأتهم وبنزين لاستمرار صبرهم الذى ينفذ كل يوم ، فالاحا اصبحت اسلوب حياه ليست كلمه قبيحة يرفضها الناس.

عزيزي القارئ لا اجد شيء اختم به هذا المقال إلا ان اقول جمله مأثوره قرأتها على مقطورة حمراء عليها حذاء لطفل، مربوط فى شكمان " احا واحا...ومش همسحها" .
 


محمود زكي
10-2-2013

 

Friday, October 19, 2012

ملحمة فى عيون صياد

ملحمة فى عيون صياد

تدور الصورة البديعة كشريط الحياه فى عقل صديقى الصياد ، ففى كل يوم بعد صلاة الفجر الهادئة ومشروب الشاى الخرز ابو "مايه بيضة" يشد الصياد حباله المعقودة ليطلق باخرته الخشبية الصغيرة الذى عاش معها قرابة الخمسين عاما فهى اغلى من اهله ، زوجته ، اطفاله ، فهى شريكه الحقيقى الذى لا يأن ولا يزن.
دائما ما يهرول الصياد مسرعا بعد صلاة الفجر لمركبه تاركا اصدقاءه لم يفهموا يوما لماذا العجلة؟.. لم يكترثوا يوما ليبحثوا عن سره ، ظن بعضهم انه يريد ان يسبقهم لصيد السمك ، وسخر اخرون انه يذهب باحثا عن خاتم سليمان الضائع فى بطن السمكة ، ولكن الحقيقة كانت فى رغبته فى الوصول قبل بدء العرض، لم يكن مطلوبا ان تحجز تذكرة او ان ترتدى بدلة او تجلس  فى صالة او بلكون ، انما كل ما تحتاجه ان تأتى فى الموعد فالعرض لا ينتظر احدا.

العرض بعنوان : بدائع ربانية
الموعد:  شروق الشمس على كرة الارضية
الدعوة : فعامة على جوانب الضفة النيلية

بداية العرض: ضوء قوى بعيد المنال يشبه القبة الضؤية يخترق قواحل الظلام كأنه يقزفه الى بعيد، فتشعر ان الظلام اصابه ثقبا انطلقت منه قوة ضوئية قزفت الظلام بعيدا لتظهر للسادة الحضور بادئة العرض الكونى. مزيكا خافته ، اصواتا تعلو وتخفو تشبة رنين الكمانجات ، راقصات من الامواج النيلية تحتضن ريح راقية ، يرقصون على سيمفونية "جفون الحياه " تزيد الاضواء شمولية تعلو لافاق لا نهائية ، تمتلىء الساحة بالبهجة و إذا فجأة تظهر سيدة افريقية ملامحها قمحية عجوز فى شبابها وعلى جبهتها عراقة خالدة ونظرة روحية تكسوها فستانا برتقاليا مضيىء يزينه الوان قوس قزح السباعية.
 تجرى اشعة الشمس الصغيرة للتسابق نفسها يتمازجون مع عذوبة المياه لتصنع صورة ربانية اجتمع فيها راسمى العالم كلن بريشته يرسم ما يشعر به ، وفجأة تظهر فاتنات على اليمين وعلى اليسار، يتمايلون ، يضحكون، يرقصون، ويغنون حاملين ثمارهم واوراقهم الخضراء مزينون بأزهارا بديعة والوانا تعكس اضواء شمسية ، تخترق الارض لترسل اشعتها لكل كائن , ترمى بالخير على الجميع ، تهفو بالبهجة بين ارواق الشجر ، و ترتفع الالحان البديعة و يزيد الامواج تمايلا وتنطلق الطيور فى السماء مرحبة بالخير العظيم وفى " كوبليه" رائع تتمازج الاشعة مع الارض وتخترق المياه لتحتضنها بقوة تعكس الزهور رونقها الرائع، فتظهر الملحمة الصامدة الذى يكون بطلها نهر النيل الخالد الذى شق طريقه من مجهول افريقيا مخترقا غاباتها وصحراءها  وضبابها زاحفا لنهاية متجها للحضارة باحثا عن شعوبا طيبه ترعاه وعن خير قادم يبحث عن مستحقيه.
وفى ذروة الملحمة وارتفاع الاصوات الملحنة ،تنقطع الاضواء ويهب الصمت الرهيب ، تمتلىء الرياح بالعواصف والزعابيب ، سكون عام للمكان كأن الحياه قد انقضيت , فختفت الشمس حزينة وبكت السماء واختبأت الزهور وعاد النيل ليسير صامتا فى مجراه.
يقف الصياد مصدوما عاجزا لا يترك ذهنه سوى حديثا واحد "عجبا لك ايها الانسان! "  ثم يرفع رأسه الى سماء باسطا كفيه قائلا : اللهمَّ إني أسألك نفساً مطمئنةً تؤمن بلقائك وترضى بقضائك وتقنع بعطائك.

محمود زكى
19 -10 - 2012

Saturday, July 28, 2012

الصراع (الجزء الاول.)


الصراع (الجزء الاول)

فى غرفة واسعة فى منتصفها كرسى عملاق احمر اللون يجلس عليه رجل اجتاز منتصف العمر, هو ليس بالعجوز و لكن الشيب الذى اجتاح جسده و تجاعيد وجهه تجعله يبدو كأن حياة هذا الرجل على وشك النهاية , هو طويل القامة عريض الهيئة يبدو من جسده انه رياضى قديم مفتول العضلات الا ان مظهره البائس يخفى صحته النابعة من جسمه الرياضى.
يرتدى ذلك الرجل ملابس ذات ماركة عالمية تدل على اناقته فهو يرتدى قميصا ابيض و بلوفر اسود بخطوط حمراء عريضة و يظهر اناقته الشديدة من حذاءه الجلدى الكلارك , يبدو من مظهر يديه و وجهه انه متأنق يهتم بمظهره و نظافته
مازال الرجل يجلس على كرسيه الاحمر لا يعلم إذا كان فى علم ام حلم و لا يصدق نفسه كيف انه اتى الى هذا المكان يجادل الرجل نفسه ,عقله لا يتوقف عن التفكير افكار تظهر و تخفو داخل عقله,  هل عليه الرحيل ام ان القدر اتى به الى هذا المكان , هل هذا القرار صحيح ام لا ؟ من قلب هذه المجادلة التى اصابت الرجل بتعب يسمع صدى صوت من بعيد يتكرر اكثر من مرة " سامح باشا....سامح باشا" يترك رجل جداله و يعود الى الواقع ملتفتاً الى الصوت القادم من بعيد فيرى رجلاً لا تظهر ملامحه يرفع يده فى اتجاه باب كبير بنى اللون يبدو عليه القدم كأنه باب لقلعة  قائلاً "اتفضل حضرتك"!
كانت هذه الكلامات البسطية هى الشعلة التى اشعلت الفتيل فقد اصابته صاعقة من الخوف و الريبة فهو ينظر الى الباب بتمعن شديد, افكاراً كثيرة تأتى داخل عقله, الخوف امتلك قلبه, فربما هذا الباب يحتوى على جراثيم مميته ! ترى من فتح هذا الباب قبلى؟ اصابته امراض او تدهورت حالته ؟او ربما هو فى حد ذاته مريض و قد نشر جراثيم مرضه اللئيم على حواف الباب.
 يحاول الرجل ان يتمالك نفسه وان ينهض متجهاً الى باب و لكنه لا يستطيع ركبتيه لا تتحركان كأنه يحمل اطناناً من الحديد , اصبح الرجل فى صراع شديد فهو يقول لنفسه كيف لى و انا رياضى قديم ان يصل بى الحال ان اعجز عن النهوض بهذه الكلمات  استجمع قواه , بدأت رجليه تتحرك و كأن ازيح حجر ثقيل فجأة , ينهض سامح و يتجه الى الباب فيصل اليه يرفع معصمه ليفتح الباب فيصاب بصاعقة من جديد و لكنها اشد هذه المرة تتوقف يده تماماً عن الحركة بل يشعر من داخله ان الحياة توقفت للحظات , بدأت جبهة رأسه تصاب بالعرق و يشعر برعشة خافته, قلبه يخفق بشدة, عقله لا يتوقف عن افراز الافكار المختلفة حتى اصبح يتحدث مع نفسه متسألاً ماذا يمنعنى عن الدخول ؟ فيجد صوتاً من داخله يرد الا ترى خطورة الدخول و فتح هذا الباب الا تعلم ماذا ممكن ان يحدث ان فتحت هذا الباب ؟ فكم من امراض يمكن ان تصيبك ؟ كم يد من قبلك قد وضعت يداها على مقبض هذا الباب و الى اين انتهى بهم الحال؟ الا ترى اين انت ؟ الا تعلم خطورة ما يمكن ان يحدث اليك ؟ّ!
صراع مستمر لا يتوقف , صداعاً اصاب رأسه افكاراً كثيرة تزاحمت فى عقله حتى يكاد يشعر ان انفجاراً نووياً سيخرج من قلب دماغه , فجأة توقف كل شىء توقف عقله و اصبح مغيباً فقد استسلم لصراعه و انتصرت افكاره عليه اصبح اسيراً لها يأتمر بأمرها , هكذا هو يقرر انه لن يفتح الباب لا يريد ان يرى ما هو خلفه لن يضع يده على المقبض و يعرض حياته للخطر , بدأ يهم بالرحيل يعطى ظهره الى هذا الباب اللعين و لكن يقف فجأة و قد سمع الباب يفتح و نوراً قد اتى من خلفه و صوتاً يرن فى اذنه "رايح فين يا سامح...هو دخول الحمام زى خروجه"!  (البقية فى الجزء الثانى) 

محمود زكى
24-7-2012 

Tuesday, July 3, 2012

حورية من الشرق


حورية من الشرق
 يحمل كوباً من الشاى، تخرج منه الألهبة الحارة، يجلس فى بلكونته على نفس كرسيه البلاستيك ماركة الهلال و نجمة  مثل كل صباح، ينظر إلى أمواج البحر العاتية و رمال الشاطىء الخائفة فهو يرى كل اليوم ذلك الصراع ما بين الرمال و البحور، ففى كل يوم تحاول الرمال جاهدتاً ان تنجو بحبات رملها من طغيان المياة الذى لا يرحم من امامه مبتلعاً كل ما يصادفه غير مكترثاً فى بروداً شديد.
ولكن اليوم هناك شىء جديد ليس كما اعتاد فى كل يوم من صراع، إنما اليوم هناك أفراح ، امواج تعلو و تخفو تتمايل وتتراقص كأنها تحتفى بشىء، الشمس ساطعة فى قلب السماء تعكس اشعاتها على البحر كأنها مرأه ترسم لوحة بديعة تتمازج فيها الألوان جميعاً فى لوحة لو اجتمع رسماء العالم جميعاً ما اخرجوا مثلها, ولكن اليس اليوم بغريب؟ هل اليوم عيد؟ هل مسك الاخوان منصب جديد؟ هل جاء مصر خيراً عتيد؟ ما حكاية هذا اليوم الفريد؟
يجرى الشاب مسرعاً يفتح اجندته, يفتح صفحة الأعياد، لا يوجد عيد اليوم ثم يقلب باحثاً فى تاريخ هذا اليوم فلم يجد اى فريد يجعل من هذا اليوم سعيد, يعود مرة اخر ماسكاً الكوب الساخن، جالساً على كرسى الفوتى المريح يفكر فى حل هذا اللغز المحير، ينتفض عقله فجأة يتساقط كوب الشاى, يبقى ساكتأ فى ذهول لثوان ثم يقول اليوم هو مولدها كيف لى ان لا اعرف ذلك ! فهو اليوم الذى نزل فيه ملك من السماء ليعيش على الارض.
بدأ قلبه ينتفض بشدة , احمر وجهه و تسارعت أنفاسه كأن شحنة كهربائية انتابته فجأة, اعاد رأسه للوراء متخيلاً اول مرة وقع نظره عليها فقد علم وقتها انها ليست بإنسانه عادية فلا يمكن لهذا الوجه ان يكون من أه الأرض و لا يمكن لهذه الملامح ان تكون بشرية فعينها الواسعة تشبه حباتان من الماس يتلقلقان, إذا ذهبت بنظرك داخلهما وجدت نفسك تأهاً فى بحوراً عاتية و كأنك خرجت الى مكان لا يشبه الارض فى شىء, إن لعينها بريقاً يخترق حُجب الخيال بأشعته تارة، ويتلقى إيحاءات الخلود المنتظرة تارة أخرى. فهو لم ينسى يوماً الحكمة الشكسبيرية المعروفة "ان العين الجميلة بحق هى التى تجذبك إليها فتحبها دون ان تعرف لونها" فهو تعلم كثيراً من هذه الحكمة ان العين ليست بلونها إنما بجمال شكلها.
ولكن إن كان هذا حديث الأعين فماذا عن البقية، فخصلات شعرها القليلة المتساقطة من اسفل الحجاب خصلاتاً ذهبية و ملامح وجهها ينظر اليها المرء على انها معجزة ربانية  ولكن كل ذلك شىء وان تحدثنا عن ابتسامتها و جمال ضحكتها شىء اخر، فهذا يحتاج الى كتب و درسات علمية! فلم يرى صاحبنا من قبل مثل ابتسامتها فعلى رغم من تعامله مع بنات كثيرة و قد عرف من البنات ما يكفى إلا انه لم يرى ابتسامة كمثلها من قبل فهى حقاً ظاهرة، ابتسامة تأخذك الى كون اخر، فعندما ترتسم الابتسامة على وجهها يدب الروح فى كل ما حولها تتغير معانى الحياه للحظات، تنتشر البهجة فى نسيم الهواء، تتحول الدنيا الى جنة خالدة، فكيف بعد ذلك لا تكون ظاهرة !
ينتفض الشاب من مكانه متجهاً الى المطبخ لصناعة كوباً اخر من الشاى، يضع البراد على النار و يجذب كرسى امامه، يجلس مرة اخرى واضعاً يده على ذقنه سارحاً فى خياله مرة اخرى ولكن هذه المرة تذكر يوم ما تحدث إليها و رن صوتها الخافت فى اذنه اول مرة فلا يمكن لهذه الذبذابات ان تخرج من احبال صوتية بشرية إنما فى الغالب هى اوتار لألة موسيقية بديعة , لم ينسى دوماً حنيتها , طيبتها , تضحيتها, حبها فى اسعاد من حولهاو وقوفها بجواره فى كل المحن، لم ينسى فضلها على ما هو عليه, فكيف ان ينسى اخلاقاً فقدتها البشرية, حتى فى غضبها لم تفقد شىء من جمالها.
تزداد السخونة شىءً فشىءً، اصوات تعلو و تخفو رائحة كريها تملىء المكان, سرعان ما عاد من خياله ليجد البراد قد سقط و اطفئت نار البوتجاز بعدما انصهر البراد الزجاجى و ملىء المكان بالدخان,اطفأ البوتجاز نظر الى ساعته فقد تأخر على عمله فسرعان ما ارتدى ملابسه متجهاً الى عمله و لا تزال هذه الفتاه لا تغادر خياله ربما لانها محفورة فى قلبه، فإنها حورية..حورية من الشرق.

محمود زكى
3-7-2012

Thursday, June 28, 2012

موعد مع النفس (قصة قصيرة)

موعد مع النفس (قصة قصيرة) 
أنهار تسير من بين السحب, بحور واسعة لا نهاية لها تحيط بكل ما حولها, ابراج مشيدة فى اخرها قباباً ذهبية تجوبها سحب ليست كمثل ما يرها البشر عند النظر إلى السماء، إنما هى كبيرة واسعة بيضاء ناصعة لا يشوبها شعرة سوداء.رجل قادم يسير ببطىء، يبدو عليه علامات التعب ، أبيض الشعر وصل إلى آخر درجات الشيب، يبدو كأنه قد إلتحم مع شيخوخته واصبح كهل غير فتى، إذا نظرت الى وجهه  شعرت بكأبة شديدة و ضيق مرير كأن طاعون قد انقد على مدينة فقتل شعبها, شعره ابيض مع وجود خصل سوداء داكنة تبدو كأنها من يقايا صبغة للشعر...حواجبه بيضاء كثيفة كأنها تشكل حملاً على العين التى تبدو متعبه من السواد الموجود اسفلها, لا تعبر ملامحه البغيضة عن ملابسه فهو على رغم من مظهره الكئيب إلا انه يرتدى زياً رياضياً ابيض اللون ماركة اديداس ويبدو فى هذا زى كأنه مديراً فنياً لريال مدريد!يشعر الرجل بالخوف والذهول من هذا المكان الذى لم يراه من قبل ولا يعرف كيف اتى إلى هذا المكان إلا انه يحاول ان يتمالك نفسه  ويظهر على عادته التى دامت لثلاثون عاماً واثقاً من نفسه متعالياً لا يرهبه شىء و يظن نفسه إله لا يقدر عليه احد و لكن سرعان ما يتناسى خوفه وصدمته من المكان عندما يرى طفلاً صغيراً يجلس على صخرة كبيرة لامعة يلعب بمركب صغيرة على ضفاف احد الانهار، فيتحرك الرجل مهرولاً  يكاد يسقط فى اتجاه الطفل, عندما يصل الرجل يصاب بحالة  ذهول كأنه رأى عفريت، يحاول ان ينطق بكلمة لكنه يتلعثم ويفقد النطق لثانية ثم يحاول ثانيتاً وفى صعوبة شديدة يقول "مممحمد !!".طفل جميل لم يبلغ من العمر العشر أعوام فى وجهه نورأً يشرح القلوب وضحكة تفرج الهموم، يجلس محمد على صخرة بقرب النهر منشغلاً بقيادة سفينته الصغيرة التى يحاول إنقاذها من أمواج النهر الخطيرة, ينظر محمد إلى الصوت القادم مبتسماً وسعيداً و يرفع يده مهللاً: ازيك يا جدو.يجرى الرجل فى اتجاه الطفل محتضن إياه بشدة  وقد ارتسمت السعادة على وجهه كأن هموم الدنيا قد انفرجت كلها وسقطت من على قلبه : محمد يا حبيبى انت كويس؟ وحشتنى, مبسوط؟يبتسم محمد وهو يضع يده على رأسه: انا زى الفل يا جدو عندى صحاب كتير بلعب معهم كل يوم والناس كلها هنا طيبين وبيحبوا بعض.- الحمد الله انا اتمنت عليك.- انا بس يا جدو عايز احكيلك حكاية بقلنا فترة قعدين فيها وشغلا بالى، فى يوم من الأيام  صحابي نادولي وقالولي تعالي بسرعة يا محمد في ناس من بلدك دخلو الجنة و شهداء كمان جريت بسرعه معاهم اشوف الشهداء اللي من بلدي واسلم عليهم قلت لصحابي وانا فرحان، عارفين دا اكيد جدو بيقود مصر في حرب ضد إسرائيل و زمانه دلوقتى فى القدس بعد محرر فلسطين...لقيت واحد الناس كلها بتسلم عليه, اسمه خالد سعيد يا جدو.
- رد الجد فى ضيق شديد عارفه ده الواد الحشاش اللى بسببه البلد خربت.اكمل محمد القصة غير مكترث بما يقوله الجد : روحت يا جدو اقعد معهم عشان يحكولى عنك و عن بطولاتك سألتهم أنتم بتحاربوا مين إسرائيل ولا ناس تانين, محدش رد عليه، سألت تانى انتو استشهدتوا ازاى؟ وفى انهى معركة؟ جالى واحد لابس بدلة عريس و على وشه ضحكة عمرى مشوفت زيها يا جدو قبل كده اسمه احمد إيهاب...قالى احنا موتنا برصاص مصريين زينا,اللى بحرسوا جدك هما اللى قتلونا!- رد الجد فى انفعال شديد: ايوه دول ارهابين عايزين يخربوا البلد نسيوا انجازاتى للبلد والامن اللى كنت معيشهم فيه ادينى سبتهلهم وهم خربوها والبلد بضيع عشان يعرفوا قيمتى كويس.قام محمد برفع يده مشاوراً: شايف الناس دول يا جدو, نظر الجد ممتعضاً إذا به يرى مجموعة كبيرة من الناس ترتدى ملابس الإحرام و على وجوههم نور لا يحمله سوى المؤمنون , نظر الجد الى الحفيد: مين دول يا   محمد؟- دول ضحايا العبارة اللى قاعدوا بساعات فى الميه عشان حد ينقذهم و حضرتك كنت فى الإستاد بتتفرج على ماتش مصر و ليبيا و لما ماتوا اهليهم طلبوا بالقصاص بس للأسف سبتوا المجرم يهرب, حضرتك لو اتمشيت شوية هتلاقى ناس ماتت عشان كان نفسها تجيب ب  2 جنية عيش و ناس تانية ماتت عشان كانت مستنية التأمين الصحى يصرفلها دوا و ناس كان نفسهم فى انبوبة غاز و ناس.....- كفاية با بنى رد الجد مقاطعاً , انا خدمت البلد دى بكل الطرق و مش غلطة او اتنين هما اللى خالوا الناس تعمل ثورة ضدى انا عمرى ما اتكلمت على نفسى.-ا سمك اللى كان فى كل مكان و على كل مبنى جديد و نفاق الناس اللى حوليك اللى انت سبته و صورة حضرتك اللى كانت بتتعلق اجبارى ورا كل مسئول كل ده كان غلطة خلت الناس تكرهك.بدت علامات الحزن تظهر على الجد و لكن سرعان ما تمالك نفسه: طب يالا يا محمد نمشى من هنا بسرعة.يظهر رجلان يبدو عليهم علامات العزة و الفخر احد هذان الرجلان يبدو كبيراً و لكن ليس بسن إنما بما يحمله من علم، يرتدى نظارة وعلى وجهه ابتسامة رضا  وصفاء يشعرك بأنه رجلاً ذو قيمة , اما الرجل الاخر فهو طويل القامة عريض الجسم يبدو على ملامحه الجدية و الصرامة،  يرتدى بدلة عسكرية فى منتهى الأناقة، مزينة بنياشين فى كل مكان  بدأ الرجلان يسيرا فى اتجاه الجد و الحفيد.نظر الطفل الى جده : عايز اعرفك بالاتنين دول يا جدو هما جايين مخصوص لحضرتك رفع محمد اصبعه فى اتجاه الرجل المفكر: ده الدكتور عبد الوهاب المسيرى، فقاطعه الجد : عارفه بتاع حركة كفاية ثم اشار الطفل الى رجل ذو البدلة العسكرية و ده بقى...قاطعه الجد مرة اخرى: عارفه سعد الدين الشاذلى رئيس الاركان المسلحة فى حرب اكتوبر.التفت الجد فى غضب للحفيد : ودول عايزين منى ايه و جاين لى انا ليه-دول جايين ياخدوا حضرتك لمكانك الجديد اصلهم ملحقوش الثورة فحبوا انهم بنفسهم يخدوك لمكانكبدأ يشعر الجد باختناق شديد و عاد مرة اخرى الى عدم قدرته على النطق بدأ الرجلان بجذب الجد و هو يحاول ان يقاوم و لكنه لا يستطيع فقد خرت قواه واصبح عاجزاً تماماً، استمر الرجلان فى جره  إتجاه باب عظيم الحجم شديد السواد كلما اقتربت منه شعرت بوحشة الموقف حيث تتمازج مشاعر الخوف و الريبة و تتزايد  كلما اقترب يحاول الجد الصراخ لكنه يفشل‘ يحاول مرة اخرى لكن احباله الصوتية عاجزة عن اصدار الاصوات، استسلم الجسد تماماً و قرر ان ينتظر مصيره الموجود خلف الباب.استيقذ من نومه فى فزع، جسده الضعيف من كبر السن يغرق عرقاً تكاد رئاتيه ان ينفجراه من سرعة تنفسه، ينظر حوله متفقداً جوانب الغرفة حيث الاضاءة الخافتة وصوت رنين جهاز القلب و خراطيم المحاليل المغروزة فى انحاء جسمه , يرفع رأسه لعدة ثوان ليطمئن قلبه بأن كل ما حدث كان بمجرد كابوس عابر، فيبتسم ابتسامة بلهاء ثم يعود مرة اخرى مستكملاً نومة فى ثبات عميق. (تمت)

Friday, October 7, 2011

المشير طنطاوى و نابليون بونابرت


المشير طنطاوى و نابليون بونابرت

لن ابدأ هذا المقال مثل ما تبدأ معظم المقالات التى و إن كانت حكومية تمجد فى المجلس العسكرى و فى دوره الريادى فى حماية الثورة و نقل مصر الى ركاب التقدم ولولا هذا المجلس العظيم كانت مصر ضاعت و كلام كثير مثل هذا تعودت عليه صحافتنا القومية حتى اصبح تمجيد الحاكم شىء اساسى و طبيعى فى هذه الصحف اما فى حالة إن كانت مقالات معارضة تبدأ المقالة بالهجوم على المجلس العسكرى و تشكك فى نواياه و تدعو الى مليونيات التى فقدت تأثيرها و اصبحت شبه وهمية و شىء طبيعى كل يوم جمعة ترجع من الصلى ترى مظاهرات فى الشارع او فى تلفزيون و تسأل "ها ايه اخبار التحرير انهارده و اسمها جمعة ايه المره دى ! "

و لكن نتيجة للتخبط هذه الايام و شعور الكثير بالاحباط و ان الثورة معملتش حاجة و انها طولت و المجلس العسكرى عجبوا الحكم فقررت ان ابحث عن نموذج للثورات يحتذى به حتى افهم احنا ماشين صح و لا الثوره ضاعت صحيح. الكلام ده ليس جديد و ناس كثيره تحدثت عن ثورات المختلفة فى العالم و البعض شبهونا بالثوره الصربيه و اخرون شبهوا ثورتنا بالثوره فى الشيلى و هناك كتاب مهم للكاتب الأمريكي كرين برنتون اسمه "دراسات تحليلية للثورات" يتحدث عن الثورات العالميه و دورها و تأثيرها و لكن عندما بحثت لم اجد افضل من الثورة الفرنسية اول ثورة شعبية فى التاريخ لاخذها كانموذج ترى عليه مستقبل ثورتنا.

ربما معظم معلومات الناس عن الثورة الفرنسية نابعة من كتاب التاريخ بتاع ثانوية عامة الذى تحدث باختصار عن الثورة و كل اللى ناس تعرفوا ان فجأه قامت الناس بمظاهرات ضد الملك الظالم و اقتحكوا سجن الباستيل الذى يرمز للظلم ثم احتلوا القصور ثم قتلو لويس السادس عشر و زوجته مارى انطونيت صاحبت القصه الشهيرة انها عندما علمت بانتفاضة الشعب سألت لماذا يثورون فقال احد العمال بالقصر انهم لا يجدون الخبز ليأكلوه سيدتى فقالت بعجب شديد و لماذا لا يأكلون الكروسون بدلا منه !!
ولكن الحقيقة ان الثورة الفرنسية اكبر و اعمق من ذلك بكثير و بها مواقف هامة يجب ان يعلمها الجميع حتى لا تتكرر و هناك الكثير من الحقائق مفاجئة.
و اول هذه الحقائق ان الثورة الفرنسيه استمرت عشر سنين كاملة و تغير فيها النظام الحاكم ثلاث مرات بدأت الثورة فى اول عامين بوجود الملك على الحكم و لكن مع عمل دستور يفصل بين السلطات و لكن الحاكم المستبد يظل مستبد ورغم إن لويس السادس عشر أضطر لتأييد الثورة ،إلا أنه حافظ على اتصالات خاصة مع حكام النمسا وبروسيا والسويد طالباً مساعدتهم في إعادة أسرته إلى الحكم .
وفي 1791 حاول الملك الهرب هو وأسرته نحو الحدود النمساوية ولكن تم القبض عليه قبل أن يصل تلك الحدود وأعيد هو وأسرته إلى قصر التويلرى في باريس ثم بعد ذلك اعدم الملك وزوجته و كانت هذه نهاية المرحلة الاولى من الثورة التى كانت تتجه للديموقراطية و بدأت مرحلة جديدة هى الاسوء فى كل ثورات العالم و هى مرحلة تحول الثوار الى حكام....مرحلة ديكتاتورية الثورة.

قامت الجمعية الوطنية (مثل ائتلافات الثورة فى مصر الان) بمذابح وحشية بقتل كل من يعارض الثورة فهجمت على السجون و بيوت النبلاء و القساوسة المضادين للثورة فقتلتهم جميعا و يقال ان فى هذه الفترة قتل اكثر من خمسة الاف شخص وايضا فى هذه الفترة بدأ يظهر البعض محاولين الصعود على الثورة و ادعاء الزعامة و اشهرهم  روبيسير الذى كان يرى ضرورة ابادة كل المعارضين دون رحمة.

ادت هذه الافعال الى تدخل الجيش الذى ادعى فى ذلك الوقت تحالفه مع الشعب ضد الشغب و حمايته للدولة و قام ايضا بعمليات قمع ضد بعض الثوار و زاد الطامعين فى الحكم و لكن سرعان ما قام نابليون بونابرت قائد الاعلى للقوات المسلحة الفرنسيه بإعلان فرنسا امبراطورية و انه هو الامبراطور و وضع دستور جديد و انتهت الثورة الفرنسيه.

اتفق دائما الموءرخون منذ زمن ان التاريخ يعيد نفسه و يتكرر كما انه اول مره ربما ليس باظبط و لكن المواقف لا تتغير لأن البشر لا يتغيرون و طموحات البشر واحده فإذا نظرت الى احداث كل الثورات تجد ان هناك احداث تتكرر بحاذفيرها و كما يقول ارسطو "الذين هم في ثورة الغضب يفقدون كل سلطان على أنفسهم فتعلم ايها الانسان من اخطاء اجدادك".

محمود زكى
7-10-2011